(0 Item)
You have just added :
Other items :
حدثني عن قوس باب اليمن الملونة حجارته الذي كان يشعرني حين أعبره باحتضانه لي ، وهل ما زالت روائح التوابل في السوق القديم ؟ حدثني عن صخب المارة عندك . سكون الازقة ليلا والوجوه المستبشرة وهي تسير في دروب الصباح . الزخارف التي رأيناها معا من أسطح سمسرة النحاس ، نزل العثمانيين القديم . دور الاحياء العتيقة وقد احتشدت متجاورة كأنها في عرس جماعي . منارات الجامع المقدس المشرئبة نحو السماء . حدثني عن حماماتها التركية الجماعية ، مطاعمها ومقاهيها ! ارجوك جل و تسكع في ظلالها من اجلي . وأترك لروحك ان تصلي على أرصفة أحجارها العتيقة . زرها مرة وصل فيها لاجلي لأطمئن انها غلبت الحرب
ان تكون حيا يعني انك نجوت و نجا سابقا من سبب وجودك ، سلسلة نجوات تمتمد الى بداية الخلق و الى أحفاد ابناء نوح الذين رسا فلكهم على قصة جبل ليزا ولوا التناسل والحروب والقتل . هي معادلة رياضية تبدو هينة في ظاهرها لكنها قد تكون شديدة التعقيد في الجوهر و مؤلمة . لست أعلم الى أي جد أنتمي وان كنت ارجح الى يافت ، لكني أعلم اني ولدت ايضا في فلك ونجوت .
بعد أن نشأ في مخيّم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وضع شاكر خزعل مهمّة واحدة نصب عينيه: أن يخرج من سجن التهجير ويتّخذ موقعه الصحيح في العالم. ترتحلون مع هذه النُبذة المفصّلة عن حياته في مغامرة مشوّقة، من الشرق الأوسط إلى أميركا الشمالية وما بعدهما، وتستكشفون سعيه إلى النجاح في رحلة من الصراعات النفسية الداخلية. آوتش! يعود شاكر إلى بيروت على أثر منعه من دخول موطنه في شباط/فبراير 2020، ويروح يتواصل من بُعد مع فريق من المحامين للطعن في قرار إسرائيل تزامنًا مع بدء جائحة كو?يد-19 التي فرضت على العالم الإقفال. يتأقلم شاكر سريعًا مع تلك القيود ويواصل انخراطه في عدد من المشاريع العالمية. وفي الوقت ذاته، تُلِمّ بالعالم أحداث غير مسبوقة يكافح الجميع لاستيعابها، من الثورة اللبنانية إلى احتجاجات «حياة السود مهمة» لتبلغ ذروتها بانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس 2020. نجا شاكر من رابع أكبر انفجار في العالم، لكن هل سينجو من معاناته النفسية؟ تنشأ علاقة صداقة خلال الإقفال بين شاكر وآدم، وهو نادل فلسطيني في فندق The Smallville في بيروت. وفي خضمّ الفوضى والتوتّر، تُفضي صلتهما الغريبة إلى خاتمة سيعجز كل القرّاء عن استشرافها. إثارة نفسيّة تشويقيّة سوف تكشف أخيرًا النقاب عن سرّ شاكر الدفين. آوتش!
الا تحلم بأن يكون لك بيت كبير واسع ، وأن تتزوج امرأة جميلة وترتاح من الحياة في الشوارع ؟ لو كان عندي بيت بحجم هذه البناية المقابلة لنا ، لما وضعت على نوافذه ستارة واحدة . أحب ان ارى ما حولي دائما ولا استطيع الرؤية الا في النور ! حتى في غرفة نومك ؟ نعم لا مشكلة عندي في ان يراني الآخرون وأنا نائم ، ليس عندي ما أخفيه عن أعين الناس . بل انني أشعر بالأمان وانا نائم على الرصيف ، محروسا بأعين المارة . أخاف من الاماكن المغلقة بالابواب والجدران والستائر والفراغ ! خاصة اذا كنت وحدي ! و لا تغار على امرأتك الجميلة من أن تأكلها أعين المتطفلين .العيون لا تأكل يا استاذ بل تعطي بقدر ما تأخذ وأحيانا أكثر ! أنت فيلسوف كبير يا برهوم !
اجمل ما في الكتابة أنك لن تقاطعني . أعلم انك قد تشيح بوجهك عني اذا تكلمت معك أو تسكتني ، أو ترمي هدايانا القديمة و رسائلنا ثم تكذب بأنك لم تفعل . لكن هذه المرة لن تتمكن من رمي ذاكرتي ، لأنني أريد لذاكرتي ان تشبه كلماتي حتى لو توقفت عن القراءة فجأة أو أغلقت صفحات دفتري ، أو خربشت على الاسطر ، فهل تقاطعني ؟ لأن كلماتي هذه سوف تكتب . لذا أنصحك بأن تتخذ قرارك وتسمعني و تسمع روايتي التي أشعر الآن بأنني اريد ان اتعلم كتابتها . سوف ابوح بأمور لم اكن اعرفها سابقا ... و أنت يا رضا ؟ هل ستسمعني ؟
نعتذر منكم سلفًا وقبل أن تبدأوا قراءة هذه الرواية. نعتذر لأنّ هذه الرواية البائسة ليست رواية عمومًا. الكاتبة هنا مزاجيّة. قرّرت ألاّ تُنهي عملها وتركت شخصيّتها في منتصف السرد. أو ربّما نسيتها. لا ندري. الكاتبة مهملة. للأسف. والشخصيّة محتارة. لا تعلم ما تفعل بنفسها. وأنتم. أيّها القرّاء المغضوب عليهم. صرتم العنصر المكمّل لهذا الثالوث المفلس. ولا حول لكم ولا قوّة.
بزغ الفجر فوق الأنقاض. بعد نصف ساعة من الصمت والصقيع، ظهرت قافلة جديدة. نساء بالمئات مع أطفالهنّ. صبية وبنات. مدجّجات بثيابهنّ السود. مكمّمات الأفواه. يمشين كما لو أنّهنّ سجون متنقّلة، تخفي في داخلها أجسادًا، وأجساد تخفي في داخلها أرواحًا، وأرواح في داخلها حياة. عدد الرجال ليس كبيرًا وغالبيّة المغادرين من النساء. الرجال انسحبوا في باصات خاصّة إلى الأرياف وإلى الشمال. أخذوا معهم عائلاتهم. الذين ينسحبون أمامنا ولا نعرف من أين خرجوا، هم الذين بقوا أو الذين تبقّوا. المدينة كلّها انسحبت من أهلها وهم انسحبوا منها. العودة ليست قدرًا. في الخامسة، فرغت المدينة. عاد الثلج للسقوط كالدمع على الركام.
بالنسبة إليها، كل الكتاب: شيء مكتوب، بالنسبة إليه كل شيء ما زال في طور الكتابة.»ذات يــوم مــن شــهر نيســان/أبريل، اختفت ابنتــي كاري البالغــة من العمر ثلاث سنوات بينما كنا نلعب الغميضة في شقتي في بروكلين . هكذا تبدأ قصة فلورا كونواي، الروائية الشــهيرة ذات الشــخصية المتحفظة . لا تفســير لاختفــاء الطفلة . باب الشقة موصد ونوافذها مغلقة ، لم تسجل الكاميــرات في المبنى الســكني القديم في نيويــورك أي حركة غريبة. ولم يظهر تحقيق الشرطة أي شيء . فــي هــذه الاثناء، عبر المحيط الاطلســي، يخفي كاتب مفطور القلب نفســه في منزل مهدم . هو وحده يحمل مفتاح اللغز. مصيراهما سيلتقيان. .
كما يفعل الاهل صباح كل يوم ، أوصلت رايتشل كلاين ابنتها الى موقف الباص و باشرت يومها . لكن اتصالا من رقم مجهول على هاتفها الجوال قلب دفة الامور تماما ،ل كانت المتصلة امرأة ، أبلغتها ان كايلي محتجزة لديها و مربوطة على مقعد سيارتها الخلفي . وان ارادت ان تراها مجددا فعليها ان تتبع تعليماتها حرفيا ، فتدفع فدية ، وتبحث عن طفل جديد تختطفه .لكن عملية الخطف هذه كانت خارجة عن المعتاد ، فالمتصلة هي أم اختطف ابنها وان لم تفعل رايتشل ما طلبته منها فسيقتل . تحفة فنية ، لن تقرأ يوما ما يشبه السلسلة ولن تنساها ما حييت .
تصدر نوفل أعمال جبران خليل جبران الكاملة، العربيّة والمعرّبة، في طبعة فاخرة. تضمّ المؤلّفات الإنكليزيّة التي عرّبها وقدّم لها الدكتور نديم نعيمه: المجنون، السابق، رمل وزبد، يسوع ابن الإنسان، التائه، آلهة الأرض، حديقة النبيّ، لعازر وحبيبته، الأعمى، إلى جانب ترجمة جديدة للنبيّ. أمّا الرسوم التي ترافق عادة هذه النصوص، فنقدّمها وللمرّة الأولى بصورتها الأصليّة، ملوّنة وبجودة عالية.
كم هو مهذّب نادل ذلك المطعم الذي أرتاده أسبوعياً منذ ثلاث سنوات لتناول طعام العشاء، فمنذ تزوّجت وذلك هو مطعمنا المفضّل أنا وزوجتي. ما إن يرانا النادل مقبلين حتى يقودنا إلى طاولتنا المفضّلة، يسحب الكرسيّ المقابل لي كي تجلس عليه زوجتي، ونجلس معاً، هي وأنا، نتحدّث ونحلم بالغد، بالمستقبل. حتى بعد مرور سنتين على وفاة زوجتي المفاجئ، لا يزال ذلك المخلص يصرّ على تجهيز الطاولة نفسها لشخصين، ويسحب الكرسيّ المقابل لي وأنا أجلس.
فرانز غولدشتاين ليس مجرّد ناشر، وإديسيو دو سابل ليست مجرّد دار نشر. مسيو غولدشتاين يسخّر عمله وحياته لخدمة القضية، وقضيته تمرّ بوصول إحدى الروايات إلى القائمة القصيرة في جائزة أدبية رفيعة. عمران المالح ليس
في الحرب تضيع الهويّات. قد تكتسب هويّة جديدة بقرار، وقد تُفرَض عليك هويّة بسبب مجرّد خطأ. قد تكون امرأة محجبّة رازحة تحت سلطة زوجٍ ذكوري وجمعية دينية متشدّدة وأهلٍ غير متسامحين، وتُعدّ ثائرة أو إرهابية فقط بسبب اشتباه الضابط على حاجز درعا بحقيبة. قد يروقك الدور وتتقمّصه لوهلة كما حدث مع صبا. فهو يحرّرك من كبتك القاسي، إلّا أنّه يرميك في فم التنّين. وقد تكون بطلاً ثائرًا متحرّرًا حرًّا مثل شذى، وتنهار أمام آلة التعذيب والقتل بعد ابتزازك في شرفك وعائلتك. مهما يكن، وأيًّا من كنت، فخياراتك ستُنتزَع منك هنا، وستتساوى مع غيرك عند ذلك الحاجز. هنا نقطة النهاية لجميع الخيارات ولكلّ الهويّات. هنا النهاية البديهية القاسية لبدايةٍ حرَمَتْك دومًا من أن تكون من تكون ومن أن ترغب في ما ترغب. هنا الحقيقة المرّة من دون تجميل. أو لعلها تكون بدايةً لكلّ النهايات.
أن تكون إرهابيًّا برتبة انتحاريّ للحظة. أن تضع نفسك في مكانه وزمانه. أن تجرؤ على صوغ كلماتٍ من صميم أفكاره ومشاعره. ألّا تُنصِفه، ولا تُبرّر له، ولا تَتعاطف معه. وبعد، أن تكتب روايةً مؤثّرة، تستقي أحداثها من قلب الواقع، وبدل أن تتأثّر بها، تبقى محايدًا. فعندما يغوص الروائي في باطن شخصيّة خليل المعقّدة، الخطأ ممنوع، والحِرص مطلوب. تبدو قصّة خليل مألوفةً. تُحاكي بتفاصيلها حياة عائلاتٍ بأسرها هجرت جذورها بحثًا عن وطنٍ يحضنها، فكانت الخيبة أفضل ما وجدت. قصّةٌ مألوفة ربّما، إلى أن يسلك بطلها طريق التطرّف، سعيًا خلف فُتات احترام وشأنٍ مزعوم في المجتمع. روايةٌ تطرح تساؤلاتٍ مشروعة عن التهميش والاندماج الحقيقي في مجتمعات مختلفة، وعن إحباط الشباب في الهجرة وشعورهم بالفراغ والغربة، وعن تفكّك الأسرة والإرث اللعين الذي يتركه الأهل لأولادهم من قنوط وأوهام، وعن العقيدة عندما تكون مجرّد مهرب من التفكير بالأسوأ، وعن حتميّة العنف والحرب والموت للعبور إلى غدٍ أكثر إشراقًا. وفيما يرافق القارئ خليل في دهاليز رحلته الشاقّة هذه، يحدثُ بين سطرٍ وآخر أن يقوم بأجمل الاكتشافات وأكثرها دفئًا، عن الروح التي تتخطّى الجسد، وعن الأمل الشافي وإن غاب.
هم أزواجٌ يحقّقون عليهنّ شبه انتصاراتٍ في مبارزات غير متكافئة، نتائجها معروفة سلفًا، متسلّحين بالمنظومة ذاتها التي تمنحهم بخبثٍ ثقة اليد العليا والموقع المتقدّم على خصمٍ مُعَدٍّ سلفًا لآليّة التدمير الذاتي... إنّها رواية... لا بل إنّها اقتحامٌ مباشر للأبواب الموصَدة، تجريدٌ مؤلم للأقنعة، تمرّدٌ صارخ على الأعراف البالية، اعترافٌ جريء بحقيقة غير معترف بها. إنّها مجتمعٌ موثَّق ما بين دفّتي كتاب، بلا تشفير أو خَفَر أو خوف. أحداثٌ من نسيج مجتمعنا الحاليّ، والتشابه بين شخصيّاتها وأشخاص في الواقع ليس محض مصادفة، بل هو مقصود ومطلوب، فاقتضى التنويه.
جميعنا نحزن، رجالاً ونساءً. الفجيعة لا تُفرّق بين رجل وامرأة، لكنْ هناك حزن عابر يمرّ مرَّ الكرام، وننساه في زحمة مشاغلنا، وهناك حزن يتشبّث بجدران قلوبنا، ويظلّ بجوارنا ليرحل معنا عند مغادرتنا الدنيا. هناك ألم يجري من تحت أرجلنا، وهناك ألم تغوص أقدامنا فيه، ولا نستطيع الخلاص منه، ويشدّنا إلى أعماقه كالرمال المتحرّكة.
«خج» لم يفعل أيّ شيء آخر يسيء للنظام الحديدي المتشنّج ضدّ شعبه. لم يخرج في تظاهرة، لم يكن سببًا في إطلاق الرصاص والغاز المسيّل للدموع على الإطلاق، ووضعه بهذه الطريقة على ظهر السيّارة الأمنية، إهانة كبرى لن يستطيع الردّ عليها مع الأسف. اختنق بكلام كثير، كان يودّ إطلاقه ولم يستطع، إمساك كلامي، بواسير كلامية، أيّ شيء آخر فيه خيبة ومرارة. تفاهات شتّى حطّت على ذهنه وطارت، منها أن يطلب من اللعّاق أن يشتري له زجاجة من شراب بزيانوس المرطّب، بطعم الأناناس، من أقرب بقالة، ومن غربة الذي يقود السيّارة، أن يتأكّد من مقياس زيت المحرّك، وماء الراديتور، ومن الفتاة الجميلة التي ترتدي فستانًا أحمر وطرحة بيضاء، والتي بصقت حين شاهدت سيّارة الأمن، أن تحبّه. لم يكن خج مثقّفًا، أو واسع الاطّلاع، وإلّا لكان فكّر أيضًا في أن يطلب كتاب «وداعًا للسلاح»، لإرنست هيمنغواي، وكان معلّقًا على واجهة كشك مرّوا من أمامه.
حين وقف ابن السمرقندي أمام مريم مادّاً كفّه لمصافحة الوداع، كانت قد وصلت إلى آخر غيبوبتها. ردّدت شفتاها بكلمات غير مسموعة «ذبحتني...». لم يلحظ أحد تبدّلها إلّا جدّتي التي عرفت أنّ ابنتها تعيسة الحظّ وأسيرة عشق مكتوم لا تستطيع الإفصاح عنه، ولا داعي لأن تخمّن أيّ شخص لأنّها لم ترَ منذ بلوغها أيّ غريب وجهاً لوجه سواه. حاولت التقرّب منها لتعترف لها، لكنّ مريم ازدادت كتماناً. بقي سرّها مفضوحاً بين أخواتها اللواتي حاولن بشتّى الوسائل إقناعها بالعدول عن هذه الكبرياء الجوفاء.
زعَمَ أنّه في فترةٍ متأخّرة من حياته، بعد نفوق كلبتيه تسمّمًا، وانفصالٍ رابع عن زوجة رابعة، وتروما تفجير تمثالَي بوذا في باميان – أفغانستان، واستئصال عضوين داخليّين (زائدة دوديّة ونصف كبد متشمّع)، بالتزامن مع نفاد نسخ الطبعة الأولى للكتاب الذي صنع شهرته، «أنثروبوفوبيا»، الذي يرى اليوم أنّه كان محض هراء، صعقه كشفٌ داخليٌّ، كوحيٍ، بأنّه أنفق من عمره وقتًا كبيرًا لاكتساب وعيٍ، ما عاد الوقت المتبقّي من الأوّل كافيًا لتثمير الثاني، وفهِم أنّه كان ضحيّة مكيدةٍ خبيثةٍ، شارك هو بانهماكٍ مخلصٍ ولاواعٍ في إنجاحها، مُحكمة بقدرٍ يصعب أن يكون وراءها قَدَرٌ أو إرادة ميتا فيزيقيّة. قال: «دعك من التاريخ. عليك دائمًا تجنّب ثلاثة: مدّعي معرفته، ومدّعي صنعه، ومدّعي التعلّم منه. قراءة هيغل هي الخطوة الأولى والإجباريّة لتجاوز الحاجة إلى قراءة هيغل نهائيًّا. التاريخ لا يكرّر نفسه، بل يستمرّ فحسب. العلّة في الكائن البشريّ. تاريخُ كائناتٍ أخرى، أشدّ وعيًا ببؤسها الوجوديّ وأقلّ انهزاميّة واستغراقًا في نفسها، ما كان ليتكرّر. بداية الخلاص البشريّ في الرياضيات... تمامُه في الموسيقى».
اجتمعنا أخيرًا، بعد ستّ سنوات من العذاب الدامي والفقد والتهجير والامتهان والتسوُّل والحرمان والتشرُّد والقتل. صارت بورسعيد وطنًا لنا. تزوّجتُ بعد خمس سنوات وأنجبت أربعة أبناء. وفي غفلة منّي صرت جدًّا. في غمضة عين، مرَّت حروب عدّة وعقود عدّة، وصرت مصريًّا حتى العظم، إلّا أنّني كلّ ليلة، عندما أضع رأسي على الوسادة لأغفو، أردّد لنفسي، أو ربّما يتردّد في نفسي رغمًا عنّي: «أنا آرام. اسمي آرام. آرام سيمونيان. من سيس. الأتراك ذبحوا أهلي... وأنقذني حلم».
أميركا دخلت إلى العراق. الحرب قائمة. صدّام متوارٍ يدير العمليات من الكواليس. لكنه سيظهر فجأة ذات منتصف ليل في عيادة طبيب أسنان بسبب وجع في ضرسه، وسيشاهد من النافذة المطلّة على ساحة الفردوس انهيار تمثاله وحكمه. ولكن، قبل أن يغادر تلك العيادة، سيترك للطبيب ورقة شكر ممهورة باسمه ستكلّف الطبيب غاليًا في معتقلات الأميركان. رواية مكسور شيقة، تتجاوز سرد الوقائع لتغوص في ديناميات السياسة والقوى المتحكمة على أرض العراق، رجوعًا إلى جذور العائلات وصراعات المنطقة، من خلال بحثه في أوراق جده الذي شارك في الجيش العثماني، عملَ على تزويد البلدان العربية بالسلاح اللازم للمعركة المصيرية مع الاستعمار، أنشأ علاقات مع القيادة النازية آنذاك، ثم اضطلع في بيع أراضٍ للوكالة اليهودية في فلسطين... يتقفى الكاتب أثر جده في مسيرته المتضاربة من خلال أوراقه التي تركها، على ضوء مستجدات المنطقة المشتعلة، وتطورات مصيره الشخصي الذي سيكون قاتمًا لا محالة على خلفية كل هذا. جيلٌ ضائع بأحلام ضائعة يسلّم بلادًا ضائعة لجيل جديد ضائع. رواية ثرية على المستوى التاريخي والسياسي، وممتعة على المستوى الشخصي لقصة بطلها.
هذه قصّة جارٍ يعجز عن النوم بسبب جاره الذي لم يغلق ستائر شرفته في ليلة عاصفة. هي أيضًا قصّة كارين التي حاولت ملء فراغ سنواتها الخمسين بكنبة تشسترفيلد أنيقة سرعان ما استراحت عليها كلّ إحباطاتها. قصّة ديالا التي تغضبها المعايدات على الفايسبوك. ديمة المستقلّة القويّة التي افترسها الرعب من وجودها فجأة بين رجلين في منطقة مقطوعة، فنسيت للحظات كلّ خطاب القوّة والاستقلالية الذي تتبنّاه. قصّة أحمد الذي يغرق في دوّامة تقاعده، ومريض السرطان الذي يبحث عن نظرة حبّ وحنان لدى طبيبه، فلا يعود مجرّد حالة ورقم في قائمة مرضاه. هي قصّتكَ. قصّتكِ وقصّته. قصّتنا جميعًا. من دون تعقيدات وتنظير وادّعاء. وهل الأدب غير قصصنا وهواجسنا بين دفّتي كتاب؟
كليّة التربية عام 1968. الطلّاب لم يكونوا يعرفون أنّهم في زمن لبنان الجميل، غير أنّهم لا بدّ شعروا بذلك. كان هناك متّسع للّهو في إقامة العلاقات مع البنات وفي الحكي بالسياسة وإطلاق الآراء على سجيّة قائليها. كان الجميع يلعب حتى في ما عُرف بعد ذلك بأنّه ملعب خطر. متسلّلاً كان الخراب يتقدّم، خفيفاً في البداية كما حين أُطلقت الرصاصة على خدّ عبد الهادي ولم تقتله. ثمّ كاسحاً بعد ذلك، في أوقات ما راح أولئك الطلّاب يتساءلون إن كان لهوهم في التظاهرات والجمعيات العمومية يجعلهم مشاركين في الخراب الذي أمسوا من ضحاياه.
صاخبة هي هذه العزلة. مسكونة بأشباح من كانوا وما كان. شاحبةٌ هي. قاسية، عنيفة، ممتدّة، لا قرار للصوَر الاستعادية التي تستفزّها: الشارع. المقهى. الأصحاب. صوت الحياة... كلّ ذلك مسجونٌ الآن في مرايا هي الشاهد الوحيد على ما كان، والتحدّي الأصعب لما سيأتي: هل ستظلّ وجوهنا هي ذاتها فيها بعد انتهاء الجائحة؟ يسأل الشاعر المتروك لهواجسه في هذه المحنة، الغارق في تأمّلاته، والمتفرّج المسكون بالفراغ الذي منه بدأ كلّ شيء وإليه كلّ شيء ينتهي.
في الذكرى الثانية لرحيل الشاعر اللبناني أنسي الحاج (1937-2014)، تصدر نوفل مجموعة نصوص لشاعر قصيدة النثر تُنشَر لأول مرة. هي شذرات تحوي آراءه في مختلف مواضيع الحياة، مكتوبة بصيغة "خواتمه" الشهيرة. تلك المواضيع شكّلت فصول الكتاب كالتالي: ميتافيزيك ودين، فن وموسيقى، حب، سلوك، أدب، بالإضافة إلى قصيدة "غيوم". ••• الحياة هي هذا الاستعداد للّذي قد ينقضي معظم العمر قبل أن يحدث لكنّه سيحدث. الحياة هي هذا الاستعداد الكامل والهائل والدائم لحدوث الحياة. ••• كان هذا سهواً. لم أكتب هذه الرسائل ولا تلك المقالات، ولم أكن إلّا قليلاً في الأيّام حيث كنت. للمرء الحقّ في إنكار حياته إنْ هي لم تشبه مُناه، وأن لا يعترف في عُباب هذا البحر المترامي وراءه إلّا بحبّات من الملح وبضع نقاط من البخار. ••• احفِرْ في الهاجس، تابِع الحَفْر، حتى ينبجِسَ اللبّ من الطرف الآخر. فإمّا جوهرة، وإمّا فرَج الفراغ. ••• ستذهب إلى مكان تُسْمَع فيه روحُكَ أكثر. ينتشر غيابكَ في قيلولة السكون مُلغياً حسّ الحدود. مَن كان يَهدي قد يَبْطُل هادياً ولكنَّ مَن أحيا سوف يظلّ يُحْيي. •••
We use cookies to offer you a better browsing experience. Make sure to accept our cookies in order to get the best experience out of this website. If you would like to read more about this check out the Privacy Policy page.